الخطبة الثانية:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله فإنها أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من تقوى الله سبحانه وتعالى تعظيم محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتوقيره، ولعلي أختم بمعلم مهم جسّده الصحابة رضوان الله عليهم وهو يمثل دوراً مهماً وواجباً عظيماً ورسالة مؤكدة علينا نحن أتباع محمداً صلى الله عليه وسلم، ما هو هذا الواجب؟ البلاغ والتبليغ.
بلّغوا كتاب الله، (بلّغوا عني ولو آية)، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النور : 54]، ماذا صنع النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بلّغ، صدّ أهل، مكة ذهب إلى الطائف، آذوه، رجع، بحث في المدينة، هاجر، وجاهد، ثم استقر الأمر وجاءت الوفود بلغهم الدعوة ثم كتب إلى الملوك والرؤساء، عمل كل شيء في التبليغ ومع ذلك خاطبه الله عز وجل خطاباً تنخلع له القلوب المؤمنة وتنتبه له النفوس المسلمة:  {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة : 67].
تعرفون الصين؟ البلد الذي نعرف أنه بعيد حتى نقول ذهب فلان إلى الصين، متى وصل الإسلام إلى الصين؟ بعد قرنين أو ثلاثة وصل في عهد عثمان في عام واحد وثلاثين للهجرة حمله الرجال الأبطال من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم، روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى بلغها الإسلام في عهد عمر الفاروق عام 18 للهجرة، أين قبر أبي أيوب الأنصاري الذي نزل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته عندما قدم المدينة؟ إنه في قلب اسطنبول اليوم في تركيا، أين مضى وكيف انتقل؟ حملوا دين الله شرّقوا وغرّبوا ودعوا إليه الخلائق أجمعين، ونحن اليوم نجد أن العالم فيه مليارات من البشر وأمة محمد لم تبلغهم البلاغ المبين ولم توصل إليهم كتاب الله المحفوظ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم تعلمهم سيرة الرجل الأعظم في البشرية كلها رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فنحن إن صدقنا في هذه المحبة وفي الانتساب لرسولنا عليه الصلاة والسلام فيجب أن نعمل على تبليغ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك أن نكون قدوات تمتثل الكتاب والسنة النبوية.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والصواب، وأن يلهمنا الرشد والصواب.
اللهم تول أمرنا وأرحم ضعفنا واجبر كسرنا واغفر ذنبنا وبلّغنا اللهم فيما يرضيك أمالنا.
اللهم أفض علينا الخيرات وأنزل علينا الرحمات وضاعف لنا الحسنات وامح عنا السيئات وأغفر اللهم لنا ما مضى وما هو آت، برحمتك يا رب الأرض والسماوات.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة يا رب العالمين.
اللهم احفظ بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، احفظ اللهم أمنها وإيمانها ووحدتها وسعة رزقها واجعل عبادك المؤمنين متوحدين متآلفين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا حي يا قيوم انصر عبادك المجاهدين في بلاد الشام وفي فلسطين، اللهم ثبّت أقدامهم وأفرغ على قلوبهم الصبر واليقين.
اللهم يا حي يا قيوم احقن دماءهم واحفظ أعراضهم وأموالهم وسلّم أرضهم وديارهم وعجّل فرجهم وأبسط أمنهم ووفر أرزاقهم.
اللهم يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار يا من لا يعجزه شيء لا في الأرض ولا في السماء نسألك اللهم أن تهلك طغاة الشام عاجلاً غير آجل، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا، استأصل اللهم شأفتهم ودمر قوتهم واجعلهم عبرة للمعتبرين ونكالاً للمجرمين واشف اللهم فيهم صدور قوم مؤمنين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين.
وأقر اللهم أعيننا بنصر الإسلام والمسلمين في بلاد الشام وفلسطين يا رب العالمين.
: الخميس، 18 أكتوبر 2012